الدين وسيادة الدول
الدین و سیادة الدول
مازلت أتذكر كلمات قائد شرطة دبي ضاحي خلفان الذي وصف تنظيم الإخوان المسلمين ،بأنه تنظيم لايعترف بسيادة الدول .جاء ذلك على خلفية كشف السلطات عن خلايا منظمة من رجال خططوا لتنفيذ هجمات في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهي المرة الثانية في النصف الثاني من العام 2012 التي يعلن فيها مثل هذا الكشف في بلد عبر عن خشيته من ربيع إخواني يهدد منطقة الخليج {الفارسي} برمتها عقب الأحداث العاصفة التي شهدتها بلدان تونس ومصر وليبيا واليمن ووصول الجماعات الإسلامية بمختلف مسمياتها الى السلطة هناك عبر التنظيم الإخواني في تونس ومصر وقوى قريبة منه في ليبيا ،وكذلك المغرب التي رضخ فيها محمد السادس لشروط الجماعة الإسلامية التي منحت السلطة التنفيذية.
هناك مسلمون يعيشون في دول غير إسلامية، ويخضعون لقوانينها كما في أوروبا ،ولعلي أستحضر فتوى من عالم دين مسلم كبير يرجع إليه الناس في شؤون دينهم ودنياهم يرى، إن المسلمين لابد أن يحترموا قوانين البلدان التي يعيشون فيها ويقيمون ويحصلون على تسهيلات ،وهي الرؤية التي يعارضها الشيخ أبو حمزة الذي يعيش منذ سنوات طويلة في المملكة المتحدة، ورغم ذلك يعدها دار كفر تستحق الإنتهاك على طريقة الجهاديين الجدد، وجماعات التشدد المنتشرة في القارة العجوز التي مارست العنف في باريس ولندن ومدريد، وربما مدن وعواصم أوروبية أخرى.
في القرن العشرين الذي خلا كانت تنظيمات الإخوان المسلمين تعمل في مصر بمواجهة الأنظمة السائدة،وكانت علاقتها بتلك الأنظمة تشهد توترا حينا وهدوءا حينا آخر،وقد يتحول الحاكم الى الدعة والسكينة في تلبية بعض متطلبات ماعرف بإسم الجماعة الإسلامية تماشيا مع متطلبات المرحلة السياسية السائدة كما فعل محمد انور السادات ،وقد يميل الى الشدة والقمع وحتى الإعدام كما فعل محمد حسني مبارك الذي أطيح به في ثورة ركب موجتها الإخوانيون وأكلوا من قصعتها بإشتهاء بالغ وصاروا هم الأعلون، بينما تحول أبطال الثورة الى معارضين ،أو كالأيتام على مائدة اللئام، وفاز باللذات من كان إخوانيا أو سلفيا
التنظيم الإخواني عالمي أيضا، فله منتصف القرن الماضي معسكرات في العراق ،وله أنصار ،كذلك الحال في السودان وشمال أفريقيا واليمن وبلاد الشام بما فيها فلسطين ولبنان والأردن وسوريا التي ينتظر أن تكون فريسة لهم بعد بشار الأسد ،وهم لايعترفون بسيادة الدول ،وليس بالمعنى الذي يقصده خلفان، فتفسيرهم للسيادة مختلف تماما ،وهم يرون ان الفكر الإسلامي على الطريقة الإخوانية عابر للحدود وإن الدين وتعاليمه ليست لبلد دون آخر وإن هذه الحدود المعروفة إنما نتاج حركة الإستعمار الصليبي في الشرق ولابد أن تزول بالطرق المتاحة ،والتي يجب أن تبتكر في المستقبل.
الفهم للإسلام ولتعاليمه ولحدود الشريعة ولحدود البلدان هو السبب في الغالب الذي يدفع الى الصدام والمواجهة بين التيارات الدينية والمناوئة لها من جهة ،والحكومات التي تصطدم بالطرفين، وبحسب الظروف التي تعيشها البلدان والشعوب.
المصدر: البدیع
إضافة تعليق جديد