لقاء موسكو الثلاثي لتنسيق الانتقال إلى الهجوم
اجتماعات وزراء الخارجية الإيراني والسوري والروسي في موسكو، ربما تشير إلى تنسيق مرحلة جديدة تتسم بالانتقال إلى الهجوم رداً على تصعيد دول تحالف واشنطن في العراق وسوريا وفي أروقة الأمم المتحدة.
اجتماعات وزراء الخارجية الإيراني والسوري والروسي في موسكو
فشل التفاهم الروسي ــ بعد طول باع موسكو، لم يدفع روسيا وحلفائها إلى تغيير قواعد الاشتباك مع من يصفهم الكرملين بالشركاء الغربيين. فالأيام القليلة الماضية ظلت تشهد اتصالات متتالية بين سيرغي لافروف وجون كيري للتوصل إلى وقف اطلاق النار في حلب وإيصال المساعدات إلى جميع المناطق المحاصرة، بعد محاولات عدة كانت تبدأ ثم لا تلبث أن يوقفها القصف المدفعي والقنص على الشاحنات والمدنيين.
في هذا السياق تسامحت موسكو وحليفيها الإيراني والسوري مع تركيا، أملاً بتوسيع التباين التركي ــ الغربي بحسب تصريحات الرئيس التركي على أنقاض موقعة الانقلاب. وربما لاح احتمال انعطافة تركية تترك آثارها الإيجابية بتموضع جديد في سوريا وفي تخفيف الدعم التركي للنصرة وأحرار الشام والتركمان في حلب.
لكن إصرار واشنطن على عدم فصل النصرة عن الجماعات المسلّحة الأخرى، يكشف أن الإدارة الاميركية تأخذ بأولوية المراهنة على النصرة وحلفائها لتحل محل "داعش" في سوريا وإعادة رسم الجغرافيا السياسية في سوريا والمنطقة وفق ما تسميه مكوّنات طائفية وعرقية. وفي هذا السبيل يمكن استخدام الإغاثة الإنسانية ومأساة المدنيين سلاحاً فتاكاً في الوقت الضائع كرافعة للحرب.
مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يعبّر بعدائية غير مسبوقة ضد روسيا، متهماً موسكو ودمشق بالمسؤولية عن معاناة المدنيين في حلب. وهو أمر يدل على أن الأمم المتحدة لا تبحث في المدى المنظور عن هدنة إنسانية ودور للإغاثة الإنسانية. قاطعاً بذلك احتمال أي هدنة أو دور للأمم المتحدة في الإغاثة وتوصيل المساعدات. وبموازاة حقوق الإنسان رفضت دول تحالف واشنطن ملاحظات موسكو لعدم تسييس التحقيق في الإعتداءات الكيماوية ولو من باب الاحتمالات. وعلى وقع هذه المعارك الدبلوماسية التي تمهدّ لبيئة حاضنة للتصعيد في الميدان، نشبت حملات إعلامية ضد موسكو ودمشق بدعوى حماية المدنيين في حلب على نسق الحملات الإعلامية الأخرى التي أدت إلى هدنة خان طومان التي سمحت بتسليح الجماعات المسلّحة وتحشيدها في معركة جديدة. وقد تكون مدرسة "حاس" في إدلب تتويجاً لحملات التزوير الإعلامي وتركيب الصور كما وصفها المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسي إيغور كوناشينكوف أو كما ألمح المصدر السوري لحقوق الإنسان المعارض.
على مستوى معركة حماية المدنيين والإغاثة الإنسانية تنتقل موسكو إلى الهجوم وإعادة النظر بقواعد الاشتباك مع واشنطن التي أتاحت لجون كيري توظيف النقد لموسكو أملاً بالضغط على المعارضة للذهاب إلى الحل السياسي. فوزير الخارجية الروسي يتهم الدول الغربية بجزء من المسؤولية في تدهور الوضع الإنساني نتيجة عقوبات تستهدف السكان في سوريا. وفي موسكو يطالب وزراء الخارجية بالتحقيق في الاعتداء على القافلة الانسانية إلى حلب. لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يضيف الملف الإنساني في اليمن. وربما يفتح التنسيق الثلاثي ملف المدنيين في اليمن وفي العراق كما اتهم لافروف واشنطن طيران التحالف.
ولا يقتصر الهجوم على ملفي حماية المدنيين والإغاثة الإنسانية، إنما يتقدم باتجاه الإطاحة بالتوسّع التركي ــ الأميركي في الأراضي السورية ووقف مشروع المنطقة الآمنة، كما هددت دمشق وموسكو بإسقاط أي طائرة تركية فوق الأراضي السورية ومنع "درع الفرات" من التوسّع في ريف حلب الشمالي. والإطاحة أيضاً بالتفاهم الاميركي ــ التركي لتسلل "داعش" من الموصل إلى الرقة بحسب تعبير وليد المعلم في موسكو. إذ أن الكلام عن تحري الرقة قريباً يخدم الانتخابات الأميركية، كما يقول. لكنه يخدم التحالف التركي ــ التركي في تغطية محاولة أنقرة للتمدّد في العراق وسوريا في إطار مشروع إعادة رسم الجغرافيا السياسية وموقع النصرة والجماعات المسلّحة ك"مكوّنات" في كيانات الموعودة.
ربما يشمل الانتقال إلى الهجوم التنسيق لمواجهة أكثر حدّة بين الجبهتين العراقية والسورية، وفق مؤشرات انتقال الحشد الشعبي إلى جبهة تلعفر والحديث عن استمرار مواجهة "داعش" إلى الرقة. ففي حرب يحرق فيها تحالف واشنطن قواعد الاشتباك وقوانين الحرب وأخلاقياتها، ترد طهران وموسكو ودمشق في الاتجاه نحو الهجوم لوضع قواعد للحرب في الحرب وقواعد للحل السياسي على طاولة المباحثات. وفي مراهنة تركيا وتحالف واشنطن على تسخين جبهة حلب مدخلاَ لتغيير المعادلات يقول بوتين "صبرنا يكاد ينفد".
المصدر: الميادين نت
إضافة تعليق جديد