اروع وانبل واشرف عبادة
اروع وانبل واشرف عبادة
بقلم: شاكر حسن
اروع وانبل واشرف واجمل وانقى وازكى وأتم عبادة هي ان يحب ويحترم الانسان اخاه الانسان مهما كان انتماء الانسان الاخر الديني او المذهبي او القومي او العشائري او المناطقي.
فليست قومية الانسان عيباً او نقيصةً وليس حراماً ان ينتمي الانسان، اي انسان، الى اي دين او مذهب او عقيدة... ولكن العيب كل العيب عندما يسيء الانسان الى اخيه الانسان لمجرد انه يختلف معه او عنه في رؤية او انتماء من الانتماءات التي ذكرناها آنفاً وعلى الاخص نحن نعلم ان من تلك الانتماءات مكتسبة بالتنشئة وليس لنا فيها ناقة ولا جمل. اي نحن غالباً منقادون للعصبية ولسنا دائماً مدركين لقيمة حريتنا , فمن الصعب جداً ان يعدل الانسان العادي عن دينه او مذهبه كما انه من المستحيل ان يغير قوميته . فليس من المنطق او المعقول ولا من الاخلاق ان يحاسب الانسان اخاه الانسان على ميزة اصيلة من الميزات التي يحملها والتي لم يخترها هو وانما هي اصل في كيانه تحصل عليه عن طريق الوراثة، او يحاسبه على عقيدته او دينه.
فقد ورد في القرآن الكريم في خطاب الله تعالى للرسول محمد (ص) (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)-الانبياء، 107- ولم يقل رحمة للمسلمين او رحمة للمؤمنين .
- وقال سبحانه وتعالى : (قل لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)-آل عمران، 92-
وقد ورد في الحديث القدسي الشريف : "الخلق عيالي، فأحبّهم اليّ ألطفهم بهم وأسعاهم بحوائجهم".
وهناك احاديث كثيرة انسانية واخلاقية رائعة ومنها:
- خير الناس من نفع الناس.
- الناس سواسية كأسنان المشط.
- لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
يوجد قول رائع للأمام علي بن ابي طالب (ع) اثناء حرب صفين بينه وبين معاوية عندما مروا امام كنيسة فقال احد اتباعه وهو يشير الى الكنيسة : ما اكثر ما يعصى الله في هذا المكان . فرد الامام علي (ع) : بل ما اكثر ما يذكر الله في هذا المكان.
وهناك قول حكيم للأمام جعفر الصادق (ع): لو تكاشفتم لما تباغضتم.
ان اغلب المشاكل والصراعات التي وقعت والتي تقع هذه الايام والتي سوف تقع في المستقبل بين الافراد والجماعات والدول ترجع اسبابها الرئيسية الى سوء الفهم وشيوع ظاهرة التعميم وخاصة في الدول المتخلفة، حيث تنتشر مظاهر الجهل والفقر والامية.
من ارقى البحوث التي قرأتها هو بحث صادر من معهد نوبل للسلام والذي يقع في العاصمة السويدية أستكهولم والذي جاء فيه ما يلي: ان اكثر من 70% من المشاكل والصراعات والحروب التي تقع بين الافراد والمجموعات ترجع اسبابها الرئيسية الى سوء فهم الطرف الاخر.
إن عدد الأديان والمذاهب والعقائد في العالم طبقا للموسوعة المسيحية العالمية "باريت" طبعة 2001 حوالي 10000 ديانة، منها 150 ديانة فقط عدد المؤمنين بها مليون فرد فأكثر. فإذا لم يحترم أتباع الأديان والمذاهب بعضهم البعض فإن البشرية في طريقها إلى الزوال نتيجة للحروب الاستئصالية والاقتتال الطائفي والعنصري.
ان ما يشغلنا دوما نحن المسلمون مع الاسف هو الماضي لا الحاضر ولا المستقبل ، والموتى لا الاحياء.
هناك ملاحظة مهمة وهو ان اغلب المخلصين والمفكرين والعقلاء والنزيهين والكفوئين منعزلون منطوون على انفسهم تاركين البلاد والعباد الى الجهلة والمتعصبين والاغبياء يتحكمون بمصائر الناس كيفما شاؤوا وهم الذين اوصلونا الى الحالة المزرية التي وصلنا اليها في العراق وبقية الدول العربية والاسلامية.
ففي العراق مثلاً هناك الآلاف من خيرة المثقفين والاختصاصيين والعباقرة والمخلصين والمبدعين في جميع الاختصاصات، سواء كانوا داخل العراق او خارجه، لو اتيحت لهم الفرصة لجعلوا من العراق وهو الغني بموارده الاقتصادية المختلفة من ارقى دول العالم .
وكما قال الفيلسوف البريطاني برتراند رسل (1872 - 1970) ما مفاده:
ان مشكلة العالم هو ان المتعصبين والجهلة دائماً واثقون من انفسهم ويفعلون مايريدون، في حين ان العقلاء والمفكرين مترددون متشككون.
ان الغالبية العظمى من الاديان لديها نسبة كبيرة من المشتركات في المبادئ والقيم والتعاليم النبيلة التي تسعد الانسان في الدنيا والآخرة.
سُئل احد علماء الدين المفكرين المتنورين وهو جالس في مكتبته يقرأ ويتعبد : هل قرأت كل هذه الكتب؟ اجاب: اغلبها. فرد عليه السائل وما ملخص ما تقوله هذه الكتب؟ فردّ عليه بالعامية العراقية : يا أبن آدم صير خوش ادمي.
فلا خير في دين أو مذهب لا يدعو إلى المحبة والأخوة والمساواة بين البشر واحترام الأديان والمذاهب الأخرى.
وكما قال احد المفكريين المتدينيين: سوف اصلي مع الجميع طالما يصلّوا من اجل المحبة والسلام والانسانية.
فلنتّقِ الله فيما نقول ونفعل ولنضعْ الله امام اعيننا ونعمل بكل جهد وتصميم على زرع الاخوة والمحبة والاحترام والتسامح بين البشر، فكلنا اخوة في الانسانية ، ابونا آدم وأمنا حواء ، كما ان الحياة قصيرة جدا فيجب علينا استغلالها في الخير والعمل الصالح لجميع البشر . فسعادة الانسان وراحة باله لا يتحققان الا بأحترام وإسعاد الاخرين.
...............
المصدر: وکالة أنباء براثا
إضافة تعليق جديد