صاحب الفتاوى الجنسية يدعو للقنوات في الدّعاء ضد الشيعة

صاحب الفتاوى الحنسية يدعو للقنوت في الدعاء ضد الشيعة

بقلم: محمد بنعزيز

الزمزمي: أن دعوة الشيخ القرضاوي للحجاج دعوة شرعية لأنه تبين أن إيران وحزبها من ألد أعداء الأمة، بل إنهم أشد عداء لأهل الإسلام من اليهود. وبهذا يشخذ العلماء الجهلة الاستقطاب الطائفي. لكن الحقد أعماهم.

 حين دخل الشيخ عبد الباري الزمزمي بالجلباب الأبيض استوديو برنامج "أحمر بالخط العريض"، استُقبل فضيلته بالتصفيق. وقد كنتُ فخورا كمغربي بهذا الإنجاز، خاصة أن منابر إعلامية قد اشتكت سابقا من ظاهرة "علماء المغرب.. علم غزير وشهرة قليلة"، وذلك في عصر صار فيه الكوجيتو الإعلامي هو: أنا أظهر في التلفزيون إذاً أنا موجود. ومما زاد من قيمة الحدث أن شهرة الزمزمي جاءت من أوسع الأبواب، من لبنان مهد الصحافة. والزمزمي رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل. وهو عضو مؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، شارف على السبعين من عمره، عضو سابق في مجلس النواب المغربي، منشق عن حزب العدالة والتنمية، ويحظى برعاية مالية من السلطة. وبذلك تحرر من الكدح وتوفر له وقت الفراغ لبناء شهرته في وسائل الإعلام... وبما أن الشيخ وجد أن حقل الإفتاء السياسي مزدحم بفقهاء الشرق الأوسط الذي لا يستطيع مزاحمتهم بلاغة وتطرفا، فقد توجه لمجال يشكو من فراغ في الفتاوي.

وبذلك استحق الشيخ أن تستضيفه قناة "ال بي سي". وقد أعلن مقدم البرنامج بحماس أنه يستقبل مرجعية دينية تبيح العادة السرية والأدوات الجنسية وأشياء أخرى... ذكّر الشيخ بفتاويه وهي لا تحتاج للشرح. لذا سننظر للمسألة من زاوية أخرى:

ما الذي منع ظهور وشهرة علماء المغرب؟ في الكثير من الدول العربية، وخاصة الجمهوريات، انشغلت الحكومات بالسياسة وأهملت المجال الديني للدعاة، فسيطروا عليه. وعملوا على توجيه المجتمع. فبينما كانت قيادة الدولة تتغنى بالاشتراكية وحرية الرفاق.. كان الدعاة يشكلون قاعدة اجتماعية معادية لتلك القيادة. وقد قدمت الجزائر نموذجا لذلك في انتخابات 1991. وفي العراق منع البعثيون مسيرات العزاء الدموية ثم اتضح أنها لم تنقرض. في المغرب الأمر مختلف. إذ ملأت السلطة مواقعها الدينية على الدوام. فوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي أغنى وزارة في المغرب، ولها هيمنة تعليمية وإدارية ومالية على المجال الديني. هناك مجلس علمي في كل محافظة، بمثابة نقابة وحيدة لها توجه محدد، وهو تجنب الأمور السياسية واتباع المذهب المالكي للحفاظ على الأمن الروحي للمغاربة. حتى البرامج الدينية في التلفزيون المغربي تشرف عليها وزارة الأوقاف. لذا لا يتوفر العلماء المغاربة على منابر إعلامية مثل دعاة الخليج. وفقهاء المغرب يغبطون القرضاوي على المنبر الذي يتوفر عليه.

ثم إن الملك ناشط دينيا، فأول تنقل قام به محمد السادس بعد جلوسه على العرش كان زيارة ضريح المولى إدريس الأكبر للتبرك به. الملك يصلي صلاة الجمعة وتنقل على التلفزيون، وهو يصلي بالطلق لا بالقبض. والملك يشرف على الدروس الرمضانية، وتسمى الدروس الحسنية نسبة للملك الراحل. لم يعد هناك فراغ ليشتهر فيه علماء الدين بالمغرب... لهذا لم يحصل الزمزمي على شهرته بسهولة، فقد ناضل بشدة "ليشرعنها" ضد من يصنفونه ضمن "فقهاء الغريزة"، ويتهمونه بالتخصص بالإفتاء في لحم النساء. وقد رد أنصار الشيخ بأن لحم العلماء مسموم يقتل من أكله.

لقد تعززت حظوظ الزمزمي في الشهرة منذ أيلول/ سبتمبر 2001 وسن قوانين مكافحة الإرهاب. حينها تراجعت فتاوي الجهاد (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة والولاء والبراء)، وتمهد الطريق لرواج فتاوي حميمية موجهة لنساء متدينات. وقد أدمن الشيوخ الفتوى، ولا يمكنهم التوقف كي لا يلفظهم الكوجيتو الإعلامي. لذا غيروا الموضوع، وحالة الزمزمي ليست معزولة. فقد أفتى الداعية السلفي المصري أسامة القوصي بإباحة مشاهد الحب في السينما المصرية، خصوصا إذا كانت "الحبكة الدرامية" تستوجب ذلك. ودلل على إباحته لذلك بأن القرآن الكريم ذكر في سورة يوسف كيفية الإغراءات التي قامت بها امرأة العزيز. بمثل هذه الفتاوي والدعاوي اشتهر المُفْتون أكثر، وقد تحرروا من تهمة "بوكو حرام" التي تطاردهم ليدخلوا في باب "بوكو حلال".

لكن منذ اندلاع الربيع العربي/الأمازيغي، انشغلت الشعوب عن فتاوي الجنس، لذا خبا نجم الشيوخ قليلا. وها هم يسترجعون نجوميتهم بفضل الطائفية. فبعد القرضاوي، خرج الشيخ الحميمي في حوار يوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري دعا فيه، بصفته عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى "إحياء سُنَّة القُنوت في الصلوات الخمس من أجل الدعاء على إيران وحزب الله". وشرح لنا في نفس الحوار أن دعوة الشيخ القرضاوي للحجاج دعوة شرعية لأنه تبين أن إيران وحزبها من ألد أعداء الأمة، بل إنهم أشد عداء لأهل الإسلام من اليهود. وبهذا يشخذ العلماء الجهلة الاستقطاب الطائفي. لكن الحقد أعماهم. وقد أكد الشيخ الزمزمي بكامل الجدية دعوته، واستشهد بسلوك الرسول الذي قنت شهرا يدعو على أعداء المسلمين. وهذا موقف عنصري لا أظن أن الله سيصغي له. لكنه موقف لا يبتعد عن العوالم الحميمة للشيخ الذي حذر من إثم عودة العلاقة بين المغرب وإيران. يبدو أنه يعتبر العلاقات الدبلوماسية بين بلدين، واحد سني وآخر شيعي، زنى.
ماذا أضيف؟

 

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد