المنامــة: تضيـيـق على ممـارسـة شـعـائـر عـاشــوراء

ان التحضيرات هذا العام لم تخلُ من تهديد ووعيد، تم تطبيقه على أرض الواقع من خلال استدعاء رجال الدين والخطباء الذين ألقوا خطبا في المناسبة، وقادوا المواكب العزائية بأشعار اعتبرت وزارة الداخلية بعضا منها تهجما على النظام، كما وجهت تهما مختلفة لآخرين مثل «الازدراء بالدولة الأموية، والتعدي على خليفة المسلمين يزيد بن معاوية»، وهو ما أثار غضب وسخرية الشعب البحريني.

واصلت وزارة الداخلية أمس، استدعاء عدد من الرواديد والخطباء ومسؤولي المآتم الحسينية، إذ تم التحقيق معهم في عدد من مراكز الشرطة، من بينها "مركز شرطة البديع، الحورة، الوسطى، سترة".
وقد حققت الشرطة مع الرادودَين مهدي سهوان وعبدالأمير البلادي، والخطيب الشيخ مهدي الكرزكاني، والملا إلياس المرزوق (حُقق معه 3 مرات)، ورئيس مأتم العبابسة في عالي، كما تم استدعاء رئيس مأتم السنابس جعفر الشمروخ يوم أمس (الإثنين)، والذي سبق وأن التقى بوزير الداخلية ومحافظ العاصمة، وتم التحقيق معه في مركز الحورة.

الشيعة في البحرين، كما في أقطار مختلفة في العالم يحتفلون بذكرى استشهاد الإمام الثالث الحسين بن علي، في احتفالية حزينة، كلما طل الشهر الأول من السنة الهجرية «محرم»، فالعاصمة المنامة تكتسي بالسواد استعدادا لهذا الموسم الذي يستقبله البحرينيون للعام الثاني على التوالي والأوضاع السياسية في البلاد لا تزال غير مستقرة.

وبدأت التحضيرات لعاشوراء قبل انطلاق الشهر، الذي تتضمن الليالي العشر الأولى منه مواكب عزاء، وتشتد مع اليوم العاشر، يوم استشهاد الإمام الحسين بمواكب تطبير يحضرها عشرات الآلاف من البحرينيين والمقيمين والخليجيين الذين لا تسنح لهم الفرصة في بلدانهم بإقامة مثل هذه الشعائر.

ففي عادة سنوية يجتمع مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية ورؤساء المآتم والحسينيات مع وزارة الداخلية لبحث الأمور التنظيمية التي من شأنها ضمان مرور المناسبة، من دون حوادث تذكر، خصوصا مع تدفق حوالى 170 ألف نسمة يوميا على المنامة من القرى المجاورة بالإضافة للزوار من خارج البحرين لحضور المراسم، حسب أرقام الأوقاف الجعفرية في البحرين.

إلا أن التحضيرات هذا العام لم تخلُ من تهديد ووعيد، تم تطبيقه على أرض الواقع من خلال استدعاء رجال الدين والخطباء الذين ألقوا خطبا في المناسبة، وقادوا المواكب العزائية بأشعار اعتبرت وزارة الداخلية بعضا منها تهجما على النظام، كما وجهت تهما مختلفة لآخرين مثل «الازدراء بالدولة الأموية، والتعدي على خليفة المسلمين يزيد بن معاوية»، وهو ما أثار غضب وسخرية الشعب البحريني.

وكان رئيس الأوقاف الجعفرية حسين العلوي أعلن في وقت سابق أنه ليس هناك أي تهديد من قبل وزارة الداخلية بضرب مواكب العزاء في المنامة خلال الموسم، مشيرا إلى أن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة خلال عاشوراء «تعتبر سداً منيعاً، وإجراءات للمحافظة على موسم عاشوراء، فهناك مندسون من كل الأطراف».

فقد وجهت تهمة «الازدراء بالنظام للرادود عبد الأمير البلادي، كما حقق مع الشيخ حسن العالي بتهمة الازدراء بالدولة الأموية بالقول إن دولة يزيد مرفوضة من المسلمين، وكذلك استدعاء عدد آخر من الرواديد ورجال وخطباء الدين بسبب عبارات تاريخية ترى الحكومة أنه يتم إسقاطها على الأوضاع الحالية وقيادات سياسية، كما احتجز البعض منهم على ذمة التحقيق» حسب المحامي عبد الله الشملاوي.

وبررت السلطة في البحرين هذه الاستدعاءات بتصريح الوكيل المساعد للشؤون القانونية في وزارة الداخلية بأن الاستدعاءات جاءت «على أثر التجاوزات التي تمت أثناء تنظيم فعاليات موسم عاشوراء»، موضحا بأنه قد تم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه عدد من الخطباء والرواديد الذين وقعت منهم تجاوزات ومخالفات قانونية وتمت إحالتهم إلى النيابة العامة.

واستنكرت جمعية «الوفاق» الإسلامية المعارضة «الحملة الأمنية الواسعة» التي استهدفت العقائد والشعائر الدينية، مشيرة إلى أن السلطة في البحرين تسعى لتكميم الأفواه والتضييق التام على حرية الرأي والمعتقد في موسم عاشوراء، من خلال استدعاء الدعاة والخطباء والمنشدين ومسؤولي المؤسسات العاشورائية والمآتم، عبر الاعتقال أو الاستدعاء أو التهديد أو الهجوم المباغت وتمزيق اللافتات العاشورائية ونزعها بالقوة، بعد اقتحام المناطق واستفزاز المواطنين.

وأكدت «الوفاق»، في بيان، أن النظام يمارس تضييقا أشد على ممارسة الشعائر الدينية والعمل على ضرب حرية المعتقد بشكل كامل باستهداف موسم عاشوراء الذي عرفت البحرين إحياءه منذ مئات السنين مع تعاقب الأنظمة التي حكمت البلد قبل الحكم الحالي، وقبل مجيء هذه السلطة.

وفي السياق، أصدر 5 من كبار علماء البحرين أمس الإثنين بياناً أعربوا فيه عن استنكارهم لاعتقال علماء دين، واستدعاء خطباء و رواديد ومسؤولي مآتم، والإساءة لشعائر دينية ومذهبية.
ونقلا عن صحيفة الوسط البحرينية اليوم الثلاثاء، أضاف البيان الذي اصدره كل من (السيد جواد الوداعي، الشيخ عيسى أحمد قاسم، السيد عبدالله الغريفي، الشيخ عبدالحسين الستري، الشيخ محمد صالح الربيعي): "إنَّنا نستنكر بشدَّةٍ هذه الإجراءات، ونعتبرها استهدافًا طائفيّاً صارخًا، واستضعافًا لأبناء هذا المذهب، واعتداءً سافرًا على شعائره ومقدَّساته، ومصادرةً لحريته الدينية»، منوهاً بانها إجزاءات تدفع «في اتجاه التأزيم والتعقيد".

وقال بيان كبار علماد الدين ان هذه الاستهدافات :"لن تجرّنا إطلاقًا إلى معتركٍ طائفي"، وسيبقى شعار عاشوراء وفي كلِّ وقتٍ "الوحدة والمحبَّة بين جميع مكوِّنات هذا الشعب".
وصرح رئيس نيابة المحافظة الشمالية نواف العوضي، بأنه تم التحقيق مع أحد خطباء المآتم بقرية بني جمرة، إثر القبض عليه بمعرفة الشرطة، بذريعة تضمن خطبته مضامين تدعو إلى التحريض على بغض طائفة من الناس، بما من شأنه اضطراب السلم العام .

وأمرت النيابة العامة في البحرين أمس الإثنين، بحبس سيد كامل الهاشمي، أسبوعاً على ذمة التحقيق، بعد أن وجهت إليه تهمتين الأولى التحريض على كراهية نظام الحكم والازدراء به، والثانية التحريض على بغض طائفة من الناس.

وفي سياق آخر، قالت الداخلية البحرينية إنها توصلت الى أن الشرطة استخدمت القوة المفرطة لمنع مصلين من حضور تجمع للصلاة خلال الشهر الجاري.
وقالت الوزارة في بيان إن تحقيقها توصل الى أن عناصر الشرطة اعتدوا على رجل يدعى حسن محمد عبد الله اثناء محاولته حضور التجمع في بلدة بني جمرة غربي العاصمة المنامة.
وكانت قوات النظام أطلقت الغازات السامة وأغلقت الطرق لمنع المشاركين من حضور الصلاة في التاسع من تشرين الثاني /نوفمبر بذريعة أنه يشكل انتهاكا لحظر فرضته السلطة على التجمعات.

 

المصدر: البدیع

إضافة تعليق جديد