اسرائيل من مصلحتها ضرب الاستقرار الهش في لبنان

كأن لبنان لا ينقصه مشكلة جديدة تضاف الى مشاكله العالقة منذ سنوات طويلة، لتزيد من تعقيد المشهد السياسي الذي هو معقد بدرجة كبيرة، الموالاة والمعارضة، تحركا بعد تفجير الاشرفية كل في اتجاه مختلف عن الآخر، قوى الموالاة دانت التفجير واغتيال رئيس فرع المعلومات، وقوى المعارضة دانت أيضا ولكنها اتهمت كذلك جهة واحدة وهي سوريا وتحميلها مسۆولية الانفجار، الاتهام جاء بعد أول ظهور تلفزيوني لأحد اقطاب المعارضة، وهو اتهام لا يحتاج الى براهين وأدلة حسب ما يرى أقطاب تلك المعارضة، لان المغدور كان قد كشف سابقا مخططا لاغتيال عدد من الشخصيات اللبنانية يديره الوزير ميشال سماحة بالتعاون مع السلطات السورية.

فلسطین اسرائیل

 

إسرائيل هذه المرة ابتعدت عن دائرة الاتهام الذي ورد على لسان المعارضين للسياسة السورية، وطالبوا باستقالة الحكومة الحالية والعودة الى المربع الأول قبل تشكيلها، وأورد البيان الذي تلاه أحمد الحريري، الأمين العام لتيار المستقبل احد ابرز احزاب المعارضة، (هذه الحكومة مطالبة بالرحيل ورئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) مدعو شخصيا الى تقديم استقالته فورا)، واعتبرت المعارضة الممثلة بقوى 14 اذار ان بقاء الحكومة (يشكل اعلى درجات الحماية للمجرمين لتغطية هذا المخطط الإجرامي)، محملة رئيسها (بالدور الذي ارتضاه لنفسه، مسۆولية دماء العميد الشهيد وسام الحسن ودماء الأبرياء الذين سقطوا في الاشرفية).

من جانبه اكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي تمسكه بقرار استقالته، لكنه لفت الى انه علق القرار حالياً بطلب من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، لتجنب اي فراغ في البلاد، وأوضح ان (سليمان طلب مني فترة زمنية لكي يتشاور مع اطراف هيئة الحوار الوطني بهذا الشأن)، وشدد على ان (الحكومة لن تبقى الى الأبد)، مذكراً بأنه كان منذ ستة اشهر دعا الى تشكيل حكومة توافقية.

وقال ميقاتي ان (تفجير الأشرفية مرتبط بملف سماحة بشكل طبيعي من دون أن يعني ذلك استباق التحقيق)، وارتبط اسم الحسن بتوقيف الكثير من الشبكات التجسسية الإسرائيلية البالغ عددها 30 شبكة، بالإضافة إلى تمكنه من توقيف الوزير السابق ميشال سماحة منذ نحو شهرين، كذلك تولى توقيف مجموعة مسلحة تنتمي إلى «القاعدة» مع نهاية عام 2005، وقد تمكن الحسن خلال الفترة الممتدة من عام 2006 حتى عام 2010 من خلال ترۆسه لشعبة المعلومات من توقيف ما يزيد عن 30 شبكة للتعامل مع إسرائيل، كما تمكن من توقيف الجماعات الإرهابية المخلة بالأمن بالإضافة إلى كشف الكثير من الجرائم التي تخص الشأن الداخلي اللبناني، وقد ذاع صيته مۆخرا بعد أن قيل إنه من يقف وراء توقيف الوزير الأسبق ميشال سماحة وكشف المخطط الذي كان ينوي تنفيذه.

كل الجهد الامني الذي قام به المغدور ضد اسرائيل وشبكاتها التجسسية، وضد القاعدة لا يعد بنظر قوى المعارضة دافعا قويا للاغتيال، فقط اعتقال الوزير السابق ميشال سماحة، المقرب من السوريين هو الدافع ولاشيء غيره.

هل هناك من مصلحة سورية في هذا الاغتيال وهي في وضعها الراهن؟، وهل تحتاج سوريا الى فتح جبهة جديدة من الادانات والاتهامات ضدها؟، وهي أكثر ما تكون الى كسب مزيد من الاصوات والمواقف الى جانبها بعد انحسار الكثير من التأييد الذي كانت تتمتع به حين كانت لاعبا اقليميا مهما في المنطقة.

اسرائيل من مصلحتها ضرب الاستقرار الهش في لبنان، وتوسيع الهوة بين الحكومة السورية والمجتمع الدولي، حين تتوجه اصابع الاتهام مباشرة الى السوريين، وقد يستدعي ذلك تدخلا دوليا محدودا يكون على مقربة من الحدود السورية، ومحاصرة النظام هناك، ولا ننسى سلاح حزب الله الذي لم يتوقف الجدل حول شرعيته بين الفرقاء السياسيين، وربما تكون عملية تحليق الطائرة بدون طيار التي اعلن حزب الله مسۆوليته عنها سببا من اسباب اغتيال وسام الحسن.

وربما تفكر اسرائيل بضربة جراحية للبنان تستهدف قواعد حزب الله تحت ضرورات الاهتزاز الأمني في لبنان، الاحتمالات مفتوحة على الكثير من المفاجآت في الفترة القادمة.

اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان

إضافة تعليق جديد