هل جاء الیوم الذی یشکر فیه الجمیع حزب الله علی تدخله فی سوریا؟

بیروت/ 29 آب / أغسطس / إرنا – الهجوم الذی شنته العصابات الإرهابیة التکفیریة مؤخرًا علی بلدة عرسال اللبنانیة المحاذیة للحدود مع سوریا وأدی إلی سقوط عدد من الشهداء واختطاف أکثر من 30 عسکریًا لبنانیًا، قدم نموذجًا للبنانیین لما یمکن أن ترتکبه هذه العصابات فی لبنان فی إطار مسلسل جرائم القتل والذبح والإرهاب التی ترتکبها وتعمل علی تعمیمها فی کل المنطقة.

الأمین العام لحزب الله حذر فی إطلالته التلفزیونیة الأخیرة بذکری انتصار المقاومة فی حرب تموز 2006، من أن الخطر الذی تشکله العصابات الإرهابیة التکفیریة هو خطر وجودی لا یقتصر علی لبنان فحسب بل یتهدد کل دول المنطقة، مشددًا علی وجوب مواجهة هذه العصابات من قبل الجمیع، والتصدی لمشروعها الإرهابی التفتیتی والتدمیری.

السید نصر الله خاطب فی کلمة سابقة بمناسبة ذکری انتصار المقاومة فی أیار/مایو 2000، المتورطین فی الحرب علی سوریا قائلاً: «من زمن الانتصارات أقول لکم وأنا فی کامل الثقة بالله عز وجل وبأنفسنا :هذا المشروع سیسقط وسوریة ستنتصر والمقاومة ستنتصر، وسیأتی الیوم الذی یقف فیه الجمیع ویشکرون سوریة وجیشها وشعبها علی صمودها وانتصارها.. وأقول للحکومات التی تآمرت وحرضت ومازالت تحرض وتدعم المسلحین فی سوریة سوف یأتی یوم وتندموا علی ما فعلتم بها وحتی فی لبنان الذین انتقدونا علی تدخلنا فی سوریة والقتال فیها سیأتی الیوم الذی تشکرونا فیه علی هذه الخطوة».

هل شکل هجوم العصابات الإرهابیة التکفیریة علی بلدة عرسال رسالة إنذار للبنان حکومةً وشعبًا بأن لبنان الکیان بات مهددًا بوجوده ونموذجه العابر للطوائف والمذاهب؟ النائب المسیحی عن دائرة بعلبک - الهرمل الدکتور مروان فارس أجاب عن هذا التساؤل فی حدیث خاص لوکالة الجمهوریة الإسلامیة للأنباء – إرنا فرأی أن «ما حصل ویحصل من أحداث وتطورات ومستجدات علی الساحة المحلیة والإقلیمیة هو لصالح محور المقاومة ورؤیة حزب الله الذی استشرف باکرًا خطر هذه الجماعات المتطرفة التی باتت فی نظر أغلب الناس أنها من صنع المشروع الأمیرکی - الصهیونی وان خطرها اکبر من هذا المشروع».

یتلاقی النائب فارس مع رؤیة السید نصر الله فی أن خطر العصابات الإرهابیة التکفیریة هو خطر وجودی علی لبنان وکل دول المنطقة، کما یتلاقی معه علی وجوب مواجهة هذه العصابات والتصدی لمشروعها التکفیری من قبل الجمیع.

ویضیف القیادی فی «الحزب السوری القومی الاجتماعی»: «إن التغییر الذی حصل فی مواقف بعض هذه الأطراف اللبنانیة التی کانت تعتبر أن تدخل حزب الله فی سوریة هو الخطر علی لبنان وأصبحت تقر بان الخطر الوجودی لداعش یشکل تهدیدًا للبنان والمنطقة عمومًا هو اعتراف صریح بأهمیة دور حزب الله القیادی وحاجة الأمة لهذا الحزب المقاوم ولهذا الدور الریادی فی مواجهة الأخطار القادمة علی المنطقة کما أصبح حاجة لمواجهة الخطر الصهیونی».

ویری النائب مروان فارس أن حزب الله الذی انتصر علی العدو الصهیونی، هو الیوم أقدر علی تحقیق الانتصار علی الخطر التکفیری «إذا جلس کل المتضررین من هذا الخطر علی طاولة واحدة لوضع خطة کاملة متکاملة لمواجهته».

ولعل مواقف رئیس «الحزب التقدمی الاشتراکی» النائب ولید جنبلاط الأخیرة التی حذر فیها من الخطر «الداعشی» کانت أول الغیث فی هذا التغییر العلنی الذی انطلق بعد لقائه مع السید نصرالله حیث راحت أطراف لبنانیة أخری ومنها مسیحیة وکنسیة، تعلن کلامًا مشابهًا وغیر مسبوق.

جنبلاط طالب فریق «14 آذار» بالتخلی عن «أسطوانتهم التی یقولون فیها إنه لولا تدخل حزب الله فی سوریا لما أتت داعش»، خاطب هؤلاء بالقول: «هذه الاسطوانة غیر صحیحة»، وأکد لهم أن خطر «داعش»، أو «الهواء الأصفر» آتٍ.

جنبلاط وفی لقاءات أجراها الأسبوع الماضی مع فعالیات ومشایخ من الطائفة الدرزیة فی منطقة جبل لبنان، شدد علی «ضرورة العبور فوق الأحقاد الشخصیة، لأن الأیام المقبلة تحمل أخطاراً کبیرة من التکفیریین»، کما شدد علی «ضرورة التصالح مع حزب الله».

راعی أبرشیة الموارنة فی بعلبک الهرمل المطران سمعان عطا الله کان أحد هؤلاء، حیث شارک الأسبوع الماضی بلقاء أقیم فی مدینة بعلبک (شرق) تضامنًا مع الجیش اللبنانی فی ما تعرض له فی عرسال، حیث ألقی عطا الله کلمته فی المناسبة تضمنت کلامًا مختلفًا عما اعتاد أهل المنطقة علی سماعه منه خلال عظاته وقدادیسه واحتفالاته لا سیما فی مضمونها حیث سمی الأشیاء بأسمائها، تحدث بکلام مدروس ومنسق مع بطریرک الطائفة المارونیة بشارة الراعی، تناول فیه خطورة النهج التکفیری وفکره وممارساته لا سیما المتمثل بتنظیم «داعش» محذرًا بشکل من هذا الفکر والنهج بعدما کان یدعو لمحاورته.

المطران عطالله سخر من بعض السیاسیین الذین یشکون من سلاح «المقاومة الشریفة» التی تدافع عن لبنان واللبنانیین فی مواجهة العدو الإسرائیلی وفی نفس الوقت لم یسلحوا الجیش والقوی العسکریة والأمنیة التی تحمی تراب الوطن، متسائلا هل: «یدری هؤلاء کیف سقطت فلسطین فی ید المحتلین وکیف هجروا الفلسطینیون من دیارهم؟».

المطران عطاالله حذر من الخطر القادم علی الجمیع فی لبنان، دعا إلی تدارک هذا الخطر قبل أن تتهاوی الدولة، وأکد لوکالة الجمهوریة الإسلامیة للأنباء- إرنا أن البطریرکیة المارونیة فی لبنان «حریصة علی عملیة التواصل مع الأخوة فی حزب الله لا سیما بعد أن وجدنا أن الخطر الداعشی مثله مثل الخطر الصهیونی یستسهل القتل والإرهاب، ولا قیمة عنده للإنسان».

کلام المطران عطاالله عن التواصل مع «الأخوة فی حزب الله» وضع حدًا للغط الذی دار عن اخفاض حرارة العلاقة بین حزب الله والبطریرکیة المارونیة بعد

الزیارة التی قام بها البطریرک الراعی إلی القدس المحتلة رافضًا الإصغاء إلی نصیحة حزب الله بعدم القیام بهذه الزیارة فیما لا تزال القدس رازحة تحت الاحتلال والعدو الصهیونی یشن حربًا إجرامیة ووحشیة علی الشعب الفلسطینی فی قطاع غزة.

النائب مروان فارس أبدی ارتیاحه لتموضع البطریرکیة المارونیة وراء حزب الله، کما فعل قبلها النائب جنبلاط، دعا بقیة الأطراف فی لبنان الی المزید من الوعی لتداعیات هذا الخطر الذی یخرب کل شیء حیث یحل، وأن تکون المواجهة الوطنیة واحدة ضد الخطرین التکفیری والصهیونی، «لأننا بذلک نحفظ بلدنا».

والذین ما زالوا مترددین سألهم النائب فارس: «أین مصلحتنا ومصلحة بلدنا فی هذا التردد وفی مواقفکم الخافتة الیوم للإرهابیین الداعشیین بعدما کنتم من قبل البیئة الحاضنة لهم ؟.. أین المصلحة فی سقوط الاستقرار فی لبنان لمصلحة المشروع الصهیونی والتکفیری؟ وهل من مصلحتکم وصول الأمور إلی حد الانفجار الشامل؟ وهل تدرکون أنکم ستکونون أول ضحایا داعش؟».

وختم النائب فارس متمنیًا علی هؤلاء «أن یلتحقوا بالمعادلة الذهبیة ˈالجیش والشعب والمقاومةˈ للعمل سویًا علی لجم الأمور وکبحها والحیلولة دون حدوث الانفجار».