صدر العاقل صندوق سره

. والبشاشة حبالة المودة. والاحتمال قبر العيوب (أو) والمسالمة خباء العيوب. ومن‏رضي عن نفسه كثر الساخط عليه.

(صدر العاقل صندوق سره) بعض الحاجات لا يستقيم قضاؤها إلا بالكتمان، من الجهل والحمق إفشاؤها وإذاعتها.. وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد غزوا ورى.

ومن ضاق بسره فلا يلومن من أفشاه. والحق خاص بصاحبه، على كل إنسان‏أن يحترم هذا الحق ويقدسه، يحرم التجسس عليه.. ولكن الغرب قد انتهك‏هذا الحق، اخترع للتجسس على الشعوب والبيوت والأفراد آلات مذهلة شديدة الدقة، قد هددت حرية الإنسان وأصبحت حياته وأسراره مشاعا للذين يملكون‏هذه الآلات، يبيعونها كالسلعة لمن يدفع الثمن، فتحوا بنوكا وحوانيت لبيعها علانية وعلى علم من السلطة التي تصون الأمن الحريات.

وهكذا حولوا العلم من العمل لصالح الإنسان وخدمته الى الإضرار به والاعتداءعليه والقضاء على حريته، فرضوا عليه لونا جديدا من الضغط لا نظير له حتى‏في عصور الجهل والتخلف.

(والبشاشة حبالة المودة) اذا خرجت الابتسامة من القلب دخلت في القلب‏تماما ككلمة الصدق والإخلاص، أما ابتسامة المكر فهي وكلمة النفاق سواء، تخرج‏من الحناجر ولا تتجاوز الآذان.

(والاحتمال قبر العيوب) المراد بالاحتمال هنا الصبر على كلمة تافهة وحركة نابية من زوجة وولد وجار وأي سفيه، المراد بقبر العيوب أن هذا الصبر فضيلة تشفع في بعض العيوب، تسترها ـ على الأقلـ وأية جدوى من إظهار الغيظ والغضب إلا البغضاء والشحناء.

(ومن رضي عن نفسه كثر الساخط عليه). كثرة الادعاء تدل على كثرة العيوب، من استطال على الناس بما فيه وبزور يدعيه فقد فتح عليه أبواب‏الذم والطعن والسخرية والاستهزاء والمقت والكراهية.. والعالم حقا يتواضع ويتوقع‏الخطأ من نفسه، الدعي اللصيق بأهل العلم يرى نفسه مصدر الحق والصواب.. ولاحظت من تتبعي لأقوال العلماء وآرائهم ان العالم بحق يعرض رأيه بحذر، أما الضعيف في معرفته فيؤكد أقواله جازما بأنها الحق الذي لا ريب فيه، ان‏غيرها هراء وهباء. والسر أن القوي بعلمه يعتمد على العقل، الضعيف يثق‏بعاطفته، يقول بوحي منه، يظن أنه يقول بإملاء العقل والوجدان. وهذاهو الجهل المركب.

إضافة تعليق جديد