كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب.

كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب.

اللبون من الإبل والشاء هي ذات اللبن قل وكثر. وابن اللبون فصيل الناقةقبل أن يقوى ظهره للركوب، يصلح ضرعها للحليب، ظهر بالرفع اسم "ل" العاملة عمل ليس على مذهب الحجازيين، خبرها محذوف، التقدير لا ظهرصالحا للركوب، لا ضرع صالحا للحليب، الفعل المضارع هنا منصوب بأن‏مضمرة بعد الفاء لوقوعها بعد النفي المحض مثل ما أعرف دارك فأزورك أي‏كي أزورك.

والمراد بالفتنة هنا الباطل، المعنى إذا رأيت باطلا فلا تدخل فيه، احذرمن أهله أن يخدعوك ويستغلوك في أغراضهم ومآربهم.. وسكت الإمام في حكمته‏هذه عن الحق وأهله، ليس معنى سكوته عنه وعنهم أنه ينهى عن الدخول في‏شأن المحقين ومناصرتهم، انه يساوي بينهم وبين المبطلين..كل، ألف كل، لأن مثل هذا الكلام يقتصر فيه على دلالة المنطوق دون المفهوم..هذا، الى‏أن كلمات الإمام ووصاياه بنصرة الحق وأهله تجاوزت حد الإحصاء، من ذلك‏قوله لولديه الحسن والحسين "كونا للظالم خصم، للمظلوم عون".كماجاء في الرسالة 46، ذمه للذين لم يحاربوا معه الناكثين بأنهم لم ينصروا الحق، لم يخذلوا الباطل.

وخفي المعنى المراد من هذه الحكمة على كثير من الشارحين، خبطوا فيه، فهموا منه أن الإمام أمرنا بأن نسكت أيام الفتنة، نعتزل إذا رأينا باطلا يتبعه‏قوم ويعارضه آخرون، حتى ان بعض الشارحين قال "أراد الإمام أن يكون‏الإنسان أيام الفتنة ضعيفا غير مستكثر من المال"!. ولا أعرف السبب الموجب‏لحشر المال هنا!و حاشا لله وللإمام الذي أوقف نفسه للحق، ضحى بها في‏سبيله أن يأمر بالفرار من جهاد الباطل والفساد.

وبعد، فكلنا نحنـأبناء الهيئة العلمية الدينيةـنحفظ هذه الحكمة عن ظهرقلب تماما كما نحفظ سورة الإخلاص، نرويها ونوصي به، لكن ما لها في‏أعمالنا وأعمال معظمنا من نصيب..فهذا يؤيد زعيما طاغية ويقولأريد أن‏أعيش، ذاك يوقع عريضة مسمومة ملغومة إرضاء لشهوة رئيس ومتزعم، آخر يزيف ويحرف بوحي الشركات ومكاتب الاستخبارات، رابع إمعة يستجيب‏لكل ناعق وشاهق.. وهنا يكمن السر في أننا نسير من ضعف الى ضعف، يكثر فينا أهل الجهل والدجل.

إضافة تعليق جديد